الأربعاء، 20 يوليو 2011

رمضان هيلين كيلر!




"الصيام رياضة روحية وقهر للبدن وكبح وإلجام للعنصر الحيوانى فى الإنسان"
    د/مصطفى محمود


طبيعي جدا أن تتغير مفاهيمنا عن أشياء كثيرة خاصة بعد الثورة...
لكن ما أتمني حقيقة أن يحدث هو أن يتغير مفهومنا عن الصيام
ففي طفولتنا كنا نتصور أن الصيام هو مجرد الإمتناع عن الطعام و الشراب فقط لا غير،لكن حينما كبرنا زادت الممنوعات التي نقوم بها-جبرا او إختيارا-في غير رمضان حينما لا يوجد ما يحد من ممارستنا إياها،ففي طفولتنا لم تكن هناك ممنوعات لعدم وجود الإثم من الأساس

فلا كذب..ولا نفاق..ولا فتنة..ولا نميمة..ولا إغتياب..ولا مكر...ولا حقد
لا أي شيء منهم.


الآن وقد كبرنا عرفنا الممنوعات التي أظن أن الصيام الذي فرضه الله علينا قد فرض لعلم الله التام بنفوسنا وطبائعنا البشرية والتي ستحتاج دوما إلي ما يهذبها ويقومها والصيام خير وسيلة لتلك الغاية،ورغم أننا أحيانا نفشل في تحقيق الهدف من الصيام إلا إنني أطمع فيما هو أكثر...فمن يعلم،قد تكون تلك محاولة من المحاولات التي قد تنجح حينما نزيد الضغط فيها علي أنفسنا لإستخراج الأروع و الأسمي.

فزيادة علي الصيام عن غذاء البطون والإمتناع عن حصائد الألسنة الخبيثة التي يكب بسببها الناس في النار علي وجوههم...مر بخاطري أن نقوم بنوع أخر من أنواع الصيام..
والجميل أننا يمكن أن نمارس هذا النوع في أي وقت وأي مكان ولا نحتاج فيه لمواقيت محددة لممارسته،فلا إستيقاظ ما قبل الفجر ولا الصبر علي إتمامه للمغرب..
وتستطيع أيضا أن تحدد مدته بما يتناسب مع إرادتك والتي هي الأساس فيه.
والدرس المستفاد منه تقويتها وشكر الله علي وهبه لنا من نعم لا نبالي بها والتي قد نفقدها في لحظة واحدة.




هل حاولت أن تنسي امتلاكك ليدان قد لا تتصور فكرة فقدانك لأحدهما؟
هل تعتقد في قدرتك علي ممارسة حياتك بشكل طبيعي دونهما؟


هل حاولت أن تمتنع عن السير تماما...هل ستتحمل ومن حولك طلباتك التي قد لا تنتهي والتي لحياء بعض النفوس الإنسانية ستفضل ان تقوم بها وحدك...كدخول الحمام مثلا؟


بالمناسبة...هل تستطيع الإمتناع عن دخول الحمام ولو لنصف يوم؟؟؟؟؟؟
هل تدرك أنها نعمة لا تشعر بها؟


هل حاولت ان تجرب أن تتنفس من فمك و تسد أنفك طيلة النهار؟
حتي وإن حاولت فستعرف وتميز كل الروائح حولك...لكن ماذا لو انك من فاقدي حاسة الشم وتسرب الغاز ببيتك؟
أو نشب به حريق اثناء نومك؟


هل حاولت أن تمتنع مرة عن الكلام لتشعر بمعاناة من حرمه الله من نعمة النطق،حتي و ان احسست ان فقدانها نعمة لأن المبتلي بفقدانها سيجازي عن صبره و ستقل فرصه في ارتكاب الذنوب لكن هل أحسست بمدي صعوبة ان تحاول ان شرح ما تريد لمن حولك فلا تفعل الا بصعوبة؟


هل حاولت مرة أن تتعايش بسدادات للأذنين ليوم كامل لا تستطيع فيه استخدام الهاتف أبدا الا إن كان هاتفا متنقلا فتستخدمه لإرسال رسائل نصية فقط لا غير و التي قد لا يستطيع احد ان يرسلها اليك إن كان في مشكلة ولا وقت الا لمكالمة يجريها وبسرعة؟
أو أن تعبر الشارع دون ان تسمع تنبيهات السيارات حولك...حاولت؟


هل حاولت أن تمتنع علي الأقل عن مشاهدة التلفاز خاصة في رمضان ؟
فماذا لو طلبت منك ان تعصب عينيك ولو لنصف يوم و تتجاوب مع الكون بباقي الحواس فقط...ولتتحمل سيرك في حدود بيتك علي الأقل و ليس خارجه وحدثني بعدها عن الكدمات التي ستصاب بها جراء اصطدامك بكل ماهو حولك..ولن اذكر حتي محاولتك لصنع كوب من الشاي...أستستطيع؟


هل تستطيع ان تتصور فقدانك لاخر ثلاث حواس؟
هل تتخيل شعور "هيلين كيلر" الآن كيف كان؟




وهل...تسطيع الصيام عن أي من نعم الله تلك ولو للحظات؟

هناك تعليق واحد:

heba3osman يقول...

يسعدني جدا انه نال اعجابك
شكرا