الأربعاء، 11 يناير 2012

حكي لي أبي ذات مره حكاية



كثيرا ما كان يفاجئنا أبي في مواقف عده بقصه من قصصه ليدلل بها علي صحه رأيه،ورغم إنبهاري الشديد بقصصه في طفولتي وتساؤلي عن النبع الذي يستلهم منه كل هذه القصص،إلا إنني اليوم أعيد تقييمها بل و أنتقد بعضها إنتقادا قاسيا.

هناك قصه تذكرتها مؤخرا ويغيظني مقصدها كلما أعيه أكثر...كانت تحكي عن ملك أولي رجلا من خدمه رعايه ابنه الأمير،و لما توفي الملك وصار الأمير ملكا مني الخادم نفسه بأنه سيكون ليس أقل من وزيرا أو مستشارا للملك لكنه فوجئ أن الملك قد أمره بأن وظيفته ستكون رعايه حصانه وتنظيفه وإطعامه.

بهت الخادم...لكنه إستسلم في نهايه الأمر ولم يعلق وكان من عاده الملك قيامه بحساب خدمه ورجال بلاطه علي فترات يحددها هو ليكتمل بذلك عنصر المفاجأه ويجبر الجميع علي البقاء علي إخلاصهم في تنفيذ عملهم...ولما حان وقت الحساب كان الوزير في مقدمه المحاسبين،فأمر الملك رجاله بوضع قطعه كبيره من الحديد الساخن علي موقد كبير ليقف عليها الوزير حافيا وأثناء وقوفه يتم حسابه عن كل صغيره وكبيره في شئون عمله و قد كان،وكان من طول مده الحساب أن أصيب الوزير من طول وقوفه علي قطعه الحديد الساخن و كان حساب الجميع بنفس الطريقه علي إختلاف أعمالهم.
و لما جاء دور خادم الملك سأله الملك إن كان ينظف حصانه كل يوم فأجاب الخادم بنعم،وإن كان يطعمه ويسقيه كل يوم فكانت إجابته نعم فقال الملك:إذن فقد إنتهيت من سؤالك فلتذهب.
و لما كان الملك يعلم ما يدور بنفس خادمه قال له:أعلم أنك كنت ترغب بمنصب أعلي مم وكلته اليك ولكني لأنني أحبك فعلت هذا،فما كنت لأعرضك لمنصب يشقيك حسابه.

و بعيدا عن اي معني بعيد أو قريب قد يظنه الخبثاء منكم سواء قصدته أم لا إلا أنني ولأني كنت صغيره ترسخ بداخلي احساس بالرضا بالقليل من كل شيء خوفا من ثقل الحساب وسوء العاقبه،لكن قبولي به ترغيبا وليس ترهيبا لم يحدث فلم اقبل بالمتواضع من الأشياء والأعمال إلا برضا زائف.

لم أعي وقتها أن ما يرسخه أبي بداخلي دونما قصد جد خطير،فهو بذلك يطفئ جذوه الطموح بداخلي ويجبرني علي قبول ما لم أكن لأقبله عاده.

أفكان أبي يقصد بحكايته تلك حساب الأخره؟
أم كان يقصد ما أعيه الأن...ألا أغامر بطموحي علي مائدة ميسر تسمي الدنيا فإنني إن لم أخرج مدينه فسأكون خاسره
أهذا ما قصدته يا أبي؟

أيا كان مقصده فإن أبي لم يفلح في حمايتي من خطر المقامره،ولم يفلح آباء أخرين ولن تفلح بلد بأكملها
فأنا ومن هم في سني وظروفي نقامر بحياتنا نفسها علي ما ليس فيه فائده
نقامر علي لا شيء
ويرانا الجميع نتحدي بقله إدراك
ونعاني من وعي غائب
ونحاسب أنفسنا بضمير مغيب
ونتمسك بالشتات
ونذهب...لا ندري إلي أين





*كتبت بالفيس بوك بتاريخ 17 أغسطس 2008
الحكاية علي الفيس بوك

ليست هناك تعليقات: