السبت، 18 فبراير 2012

هلأ لوين...وكيدهن العظيم






حكايتي وما فيها...خيالات صحرا سود
لا هن أقمار...ولا هن ورودعيونن كحلها رماد

عن موسيقي "خالد مزنر" الآسرة التي تمتزج بآهات "رشا رزق" العذبة والمموجعة في نفس الوقت ليكتمل المشهد بـ"رقصة الموت" لنساء القرية حين يذهبن لزيارة موتاهن من أزواج وأبناء وأخوه قضت عليهم الحرب الأهلية أو الطائفية تحديدا
رقصة تنتهي بالوصول لمقابر أحباهن وتفرقهن ما بين مقابر المسلمين والمسيحيين
وهنا تبدا الحكاية
والسعي للبحث عن حل





حكايتي وبحكيها...ولمين ما كان بهديها
عن ناس بتصوم...وعن ناس بتصلي
عن ضيعة علقانة...م الحرب ع التلة
وعلقت ما بعرف وين...وضاعت ما بين حربين

الرقصة قد تلخص الفيلم بأكمله خاصة بعد التلخيص الممتع للفيلم الذي تقوم بروايته نادين لبكي...فهن من أوجعهن الفِراق وهن من تيتم أولادهن وهن من يبقي ويعاني بعد موت الرجال
ولا يستطيع قِس القرية أو شيخها منع طوفان تلك الحرب من أن ياتي علي القرية التي لا يربطها بالعالم الخارجي سوي طريق يشبه ممرا ضيقا محاط بالأسلاك الشائكة شَكَلته علي هذا النحو الحرب علي ما يبدو
والذي يقطعه اثنان من أبناء القرية لجلب ما يحتاجه أهلها





عن ناس صفيت قلوبهن...وشمسن صارت في
وبقيوا يصفوها...تا صار دمن مي
عن ضيعة معزولة...ومتفقة ع السلام
وقصتها مغزولة...ع شرايط الألغام

وبجانب الطريق المشوه نري عمدة القرية وهو يحذرشبابها من الألغام أثناء بحثهم عن مكان مناسب ليصل إرسال التلفاز الذي ينوون تركيبه في احتفال يضم أهل القرية جميعهم،والذي حوي لقطة طريفة كباقي الفيلم اذ كان أحد الرعاة الذي ماتت أحدي عنزاته بسبب انفجار أحد الألغام يودعها منذ  ماتت حتي أثناء شيها والذي شكره العمدة وأضاف ان العنزة الأخري التي يتم شيها الي جانبها مذبوحة ذبحا شرعيا مراعاة وإتباعا لتعاليم أهل القرية من المسلمين
والتسامح الفطري هنا يتبين في المرح الذي يغلف كلمات اهل القرية فيما يخص علاقة الحب التي لا تري النور ما بين أمال المسيحية (نادين لبكي) وربيع (جوليان فرحات)المسلم،التسامح يغلف الكلمات لأرواح تعرف ان المشاعر الإنسانية لا يمكن أن تخضع لرغبة أحد،وحتي ان كان المرء قد يستطيع التحكم في تصرفاته التي يحكمها الدين وقد يضاف اليه العرف انما لا يستطيع احد ان يقيد خياله او مشاعره والتي يرمز اليها في قصتهما رقصة التانجو التخيلية بينهما
لكن وبرغم كل هذا يحدث أن يجر عليهم الإحتفال مشاكل تحار نساء القرية في كيفية تفاديها،فبعدما يحاولون ابعاد رجال القرية عن أي مصدر للأخبار ويقومون بإتلاف الوصلات الخاصة بسماعات التلفاز بل واتلاف السماعة أيضا يلجأ أحد الشباب المسيحيين للكنيسة ليأخذ سماعة منها لكنه يكسر صليبها الخشبي الضخم
 ومن هنا تبدأ المناوشات ما بين رجال القرية المسلمين والمسيحيين




وتا يكبروا الأولاد
حكم عليهن الزمان...يلبسوا تياب أسود 
ومن هنا
بدأت حكاية نادين لبكي الحقيقية معي
فهي كانت عونا لي في أشد أوقاتي احتياجا لإشارة أمل
فكانت المثال الحي "بصفتها ألفت الفيلم بالإشتراك مع رودني حداد" بالنسبة لي للمرأة النموذج خاصة بعد هذا الفيلم الذي بين لي بالفعل كيف تكون المرأة جميلة وذكية
كيف تكون زوجة وأما
وكيف تقود صناع القرار لما ترغب
وكيف أن بصلاحها يَصلُح كل شيئ
فهي ومن معها من النساء من قمن بفعل كل شيئ لكي لا تطأ الفتنة القرية
فهن من قمن بالتظاهر بنقصان العقل والشجار علي التوافه حينما أصر الرجال علي سماع الاخبار التي قد تشعل الحرب الطائفية بين رجال القرية في محاولة لشغلهم عن سماعها؟
وهن من قمن بالتمثيل وادعاء ما ليس بحقيقة كي بيبين للرجال من يقوم بتصرفات الصبية حقا ويؤذي أو يزعج من ليس علي دينه
حتي أنه وصل بهم الأمر لجلب فتيات اجنبيات ليشغلن رجال القرية بهن عن متابعة أخبار الفتنة
وأخيرا وليس آخرا
هن من قمن بتخدير رجالهم بوضع حبوب الهلوسة أو الحبوب المخدرة مع "الحشيش" بالمخبوزات في حفل أقاموه كي يقمن بدفن الأسلحة خاصة بعد مقتل صبي مسيحي من أهل القرية "نسيم" والذي لم يقتل علي يد أحد من أهلها حتي
...
الملفت للنظر في اخر مشاهد الفيلم هو ترك رجلي الدين للقرية في اشارة واضحة للمشاهد ان بوجود نساء مثلهن في أي مكان قد يصلح ولا يحتاج لشيوخ او قساوسة لن يستطيعوا فعل جزء مما فعلن




حكايتي وحكيتها...وبعيونكن خبيتها
عن ضيعة وعيت ع السلام...والدنيا حواليها بالحرب عم بتنام
عن ضيعة رجالها ناموا...وعلي وجهن ضب
ووعيوا وماعرفوا...كيف ما عاد عندن حرب
حكايتي نسوانها بقيوا تيابن سود...وسلاحهن صلاة وورود
وتايكبروا الأولاد
حكم عليهن الزمان...يلاقوا طريق جديد

كان الطريق الجديد والحل الذي لا مناص من القيام به والذي أرتأت سيدات القرية انه الوحيد والمتاح هو قيام كل واحدة منهن بتغيير دينها ولو كذبا او لفترة حتي تهدأ الأمور كي تخبر كل منهن ذويها بأنها "انضمت للآخرين" حتي تتم مراسم دفن "نسيم" في هدوء بعد الصدمة التي أصابت رجال القرية صباح يوم الدفن
وما توقعت ان الرجال سيقوموا بالسير في نفس الطريق لينتابهم الحيرة
ففي أي مدفن سيدفن "نسيم
أفي مدافن المسلمين أم المسيحيين؟
لكن مالم أتوقعه هو تسليم الرجال بالأمر الواقع حينما يقوموا بالإلتفاف بالنعش لسؤال السيدات...وهلأ لوين؟
أظن ذلك الجزء من المشهد تضمن رسائل كثيرة تفوقت علي مشهد النهاية بفيلم "حسن ومرقص" الذي جاء معتادا ويفتقر للإبداع مقارنة بمشهد نهاية "هلأ لوين؟" الذي ان عقدت أيه مقارنة بالتأكيد ستظلم الفيلم المصري لأنها لن تكون في صالحه بأي حال من الأحوال




علي جنب:
*ديكور " سينثيا الزهار" كان فوق الرائع

ليست هناك تعليقات: